Sunday, January 1, 2012

حكاية العام




 من المؤسف أنني لم أكتب حرفاً واحداً هذا العام... في الوقت الذي أمسك فيه الجميع الأقلام وقامت ملايين الأصابع بالنقر على
 الكيبورد الخاص بهم لسطر مواقف وأحداث مرت عليهم أو على أحد أصدقائهم.. هذا ببساطة لأن حكايات هذا العام تختلف عن أي حكايات... هي قصص أشبه بالأساطير الإغريقية شديدة التعقيد والتي وإن عدنا للوراء عام من الآن... أي مساء اليوم الأخير من نهاية العام 2010 وتنبأ لنا أحد العرافين بما سيحدث.. لقلنا أنه مخبول وأن جنونه يمزج الفرحة بالتعاسة بشكل مبالغ فيه

تبدأ أولى مشاهد العام، والذي انتهى منذ دقائق قليلة، بإنفجار حدث في الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل في  بداية اليوم الأول من العام 2011 بكنيسة القديسين بالإسكندرية حيث قتل العشرات من اخوتنا الأقباط المسيحيين أثناء إحتفالهم ببداية العام
الجديد وأصيب آخرين

بهذا المشهد الدموي والمأساوي بدأ العام وكأنه فيلم أكشن متسارع الوتيرة بشكل لا يجعلك تغفل لحظة عما يحدث حولك... في نفس الوقت كانت تونس قد استفاقت على تظاهرات تطالب بإسقاط النظام بعد تعدي الشرطة على المواطن محمد بوعزيزي وعربة وخضرواته مما دفعه إلى حرق نفسه ووفاته متأثراً بجروحه في الرابع من شهر يناير
انتصرت الثورة التونسية في أولى جولاتها يوم 14 يناير يوم هرب بن علي... وكان مشهد الرجل الذي خرج إلى الشارع وقت حظر التجوال هاتفاً " الحرية للتوانسة... بن علي هرب.. بن علي هرب" هو مشهد الذروة في حكاية الثورة التونسية

... يبدأ المشهد الثاني من حكايتنا في مصر يوم 25 من شهر يناير وبالتحديد يوم احتفال الشرطة بعيدها بمسيرات حاشدة ... ازدادت الأعداد بشكل كبير وانتهى اليوم بأعداد مهولة من قنابل الغاز المسيل للدموع لفض الإعتصام الذي قررنا بدأه وكانت مطالبنا... إقالة حبيب العادلي وزير الداخلية... حد أدنى من الأجور 1200 جنيه...ببساطة.. عيش حرية عدالة وإنسانية... توالت افمظاهرات  والإحتكاكات يومياً مع الشرطة حتى جاءت جمعة الغضب الأولى وحدث التحول التاريخي في أحداث الفيلم حيث انقلبت التظاهرات إلى ثورة وبدأ اعتصام في تلك الليلة استمر حتى تنحى مبارك ليلة الحادي عشر من شهر فبراير

 وبما أنني أعرف نفسي جيداً أنني فاشلة في سرد الحكايات أو ببساطة كثرة الأحداث وزخمها لا يمكن أن يختصر في بضعة كلمات

ثورة تونس.. ثورة مصر.. ثورة اليمن.. ثورة البحرين.. ثورة ليبيا.... وثورة سوريا... جميعها حكايات وقصص تملأ ملايين الكتب... التاريخ أخذ مجرى ومنحنى مختلف تماماً... ولا يمكننا الرجوع الآن... أكثر من ألف شهيد على مدار العام ثمن غال ولا يمكننا أن نفرط في حقوقهم التي لم ترجع حتى الآن ولن ترجع إلا بعد أن نتنفس الحرية الحقيقة وليست الديموقراطية العسكرية المزعومة

لم تنتهى الحكاية في مصر بتنحي مبارك... لقد اكتشفنا  أن هذه كانت مجرد البداية

تمام مثل أفلام الأكشن والغموض حين تكتشف أن الصديق الذي كان يساعدك طوال الفيلم وساندك وخلصك من كل العقبات... هو العقل المدبر لكل شيء وأنك الآن وحدك... ليس لك أحد تلجأ إليه إلا الله... ولكن مثل أي فيلم يرضي جميع المشاهدين لابد للخير وأن ينتصر... ربما ليس في الجزء الأول من الفيلم... ولكن نتمنى أن ينتهي أذى ذلك الصديق الكاذب في الجزء الثاني عام 2012 بإذن الله  أو يعود إلى ثكناته

اتمنى أن يكون الفيلم من جزأين فقط وليس سلسلة مرعبة كاملة لا تنتهي من فيلم
Friday the 13th

لا تنسوا في هذه الليلة المباركة الدعاء لشهداءنا جميعاً بدايةً من خالد سعيد رحمه الله ونرجو أن تكون نهايةً بطالب الهندسة محمد
مصطفى والذي توفي في الأحداث الأخيرة عند مجلس الوزراء

حرر مصر يارب من حكم العسكر... وبارك بلادي
وداعاً 2011

2 comments:

Sara Khorshid said...

Loved this blog entry ya Mariam. Precise but speaks volumes.

Dalia Salaheldin said...

حرر مصر يا رب من حكم العسكر.... و بارك بلادي

اللهم آمين يا مريم

كلامك جميل