Sunday, July 8, 2007

مذكرات جيراننا اليمنيين الجزء الأول


علمت من والدتي بالصدفة البحتة مساء الثلاثاء الماضي خبر بقدر ما صدمني وأشعرني بالحزن الشديد، بقدر ما جعل مشاهد محددة من طفولتي وشبابي تمر أمام عيني

ماما : حقولك على خبر كده ... بس جدو مايعرفش

أنا : خير يا ماما؟

ماما : عمك محمد قائد اتوفى يوم الحد اللي فات في بيروت

أنا : إييييييييييه؟

ماما : كان في نعي النهاردة نص صفحة كاملة في الأهرام بس إحنا مجبناهوش ... وعلى فكرة جدك مايعرفش، هو أصلاً عيان والحاجات دي بتتعب نفسيته زيادة، إحنا نبهنا على كل الناس اللي عرفت وكمان فكري ومحمد بوابين العمارة إن محدش يجيبله سيرة ... ممكن يحصل له حاجة بعد الشر .. ولو سأل عليه حنقوله مسافر

أنا : طب هما الجماعة هنا ... في مصر؟

ماما : لأ كلهم سافروا من فترة ... واضح إنه كان عيان وراح بيروت يتعالج .. أكيد كان قاعد عند طنط فاتن (بنته) ماهو جوزها سفير اليمن في لبنان دلوقتي... على العموم إحنا عرفنا الخبر من طنط نعمت جارتنا

أنا : يااااااااااااااااااااه مش مصدقة ... الراجل ده كان صاحب جدو أوي ... كان راجل طيب أوي

تنتهي المحادثة بيني وبين والدتي وأغلق السماعة وأنا أشعر كيف أن الأيام تمر بسرعة رهيبة ... هذا الرجل الذي لم يعرفه الكثيرون في مصر، هو الرجل الثاني وقت قيام الثورة اليمنية التي فشلت في الخمس ... لم نعرفه هنا سياسياً أو وزير دفاع أسبق، ولكننا عرفناه جاراً متواضعاً وصديقاً مقرباً لجدي ... يخرجان سوياً ويتذكران أيام وسط البلد القديمة ... أيام جروبي وكافيه ريش ومعسكرات الإنجليز وسط ميدان الإسماعيلية (التحرير حالياً) مكان النيل هيلتون

بعدما عرفت هذا الخبر، ومرت بذاكرتي تلك الذكريات، وجدت الكثير ... بل أكثر مما كنت أتخيل، من الممكن أن أكتبه عن هذه العائلة اليمنية التي عاشت في مصر أكثر من 30 عاماً حتى الآن ... ومازال منزلهم يقع على يمين منزل جدتي في عمارة تنطق بفخامة وأصالة القرن الماضي ... تُرى، هل سيعودون للاستقرار بالقاهرة مرة أخرى بعد وفاة رجل المنزل الذي أحضرهم إليه أول مرة .. أم سيعودون إلى منزل العائلة في عدن؟

في هذا الجزء الأول استعرض سريعاً ما لم أكن أعرفه عن هذا الرجل وعرفته قريباً جداً من الصحف اليمنية وقناة الجزيرة وعدة مصادر أخرى، حتى أنني لم أتخيل أنهم يتحدثون عن نفس الرجل الذي كان يجلسني على رجليه ويدخلني منزله ويلعب معي ومع أخي

معظم التواريخ والأحداث التي سأرودها هنا موجودة بالفعل على بعض المواقع والمصادر

ولد محمد قايد سيف (وكنا ننطقها قائد، ولكن هكذا وجدتها مكتوبة) بقرية الحنجرة ناحية القبيطة باليمن عام 1933، وهو يصغر جدي باثني عشر عاماً
متزوج وله خمسة أبناء (ولدان و3 بنات)، "كلهم متزوجون ماعدا واحدة"

كان قايد سيف قد تعرض لنوبة قلبية، وتم نقله إلى مستشفى الجامعة الأمريكية ببيروت حيث توفي هناك صباح يوم الأحد الماضي


مما أعرفه تحديداً أن زوج ابنته الكبرى يعمل سفيراً لليمن في لبنان وهو مقيم حالياً مع زوجته وأبناءه هناك

أما عن تاريخ محمد قايد السياسي الذي لم أكن أعرفه من قبل، أنه قد انتقل رحمة الله عليه إلى عدن وعمره خمس سنوات ودرس في مدارسها حتى المرحلة الثانوية وهناك تعرف على الأستاذين والمناضلين الكبيرين أحمد محمد نعمان ومحمد محمود الزبيري واسهم ذلك في نمو وعيه الوطني وتنظيم نشاطه السياسي

كان أول عمل له مرتبط بحركة النضال الوطني توزيع صحيفة صوت اليمن التي كانت تصدر في عدن آنذاك
جاء إلى القاهرة والتحق بالكلية الحربية من عام 1950م إلى 1954م وكان أول طالب يمنى يتخرج من هذه الكلية.. بعد استكمال دراسته العسكرية في القاهرة عاد إلى مدينة تعز وأسس كلية الشرطة هناك

تولى مهام قيادة المحور الجنوبي وعمل ضابط اتصال بين البعثة العسكرية المصرية والإمام

وبعد فشل ثورة 1955م وإعدام الثلايا، فر إلى عدن وعين بعد قيام ثورة 26 سبتمبرعضواً في مجلس قيادة الثورة ووزيراً لشئون رئاسة الجمهورية ثم عين وزيراً للاقتصاد والإعلام ليكون بذلك ثاني وزير إعلام في حكومة الثورة خلال الفترة من 13 أكتوبر 1962 إلى 24 أبريل 1963 م بعد الشهيد/ علي محمد الأحمدي

كما عين عضواً في أول تشكيل لمجلس الرئاسة ورئيساً للجنة الشئون الخارجية في المجلس و في نهاية 1963م عين وزيراً للدفاع ونائباً للقائد العام للقوات المسلحة،ومن عام 1964م إلى عام 1968م عمل سفيراً لليمن في روما.. ومنح وسام 30 نوفمبر في عام 1989م

كل هذا التاريخ الحافل ... كنت أجهله تماماً حتى وقت قريب، لأنني كنت أتعامل مع هذا الرجل وأسرته كجيران مقربين فقط لا غير

وبالرغم من وجود الكثير من صوره هو وعائلته لدينا ... في أعياد ميلاد، مناسبات مختلفة، وصور من روما عندما كانوا هناك ... إلا أنني لم أجد إلا صورة واحدة على جميع محركات البحث بالإنترنت، وهي التي وضعتها هنا

في الجزء الثاني بإذن الله سأعمل على إحضار بعض الصور وعمل سكان لها


وسأروي المزيد من القصص الشخصية التي جمعت بين عائلتي وعائلة محمد قائد سيف


"بجد أغرب حاجة حسيت بيها إنك تكون قريب لشخص مهم وما تعرفش أسرار كتير عنه غير بعد ما يتوفاه الله

3 comments:

ام مليكة said...

ممممممممم
الله يرحمه يا مريم حسستيني انه رجل ظريف وبسيط قوي الله يرحمه وربنا يدي لجدك طول العمر ان شاء الله اصل الناس الكبيرة دي بركة وكمان ارتباطهم بالاشياء قوي مش زي دلوقتي بننسى وندلق وفلان يموت وفلان يعيش ولا يغير اي حاجة فينا

قضية عم أحمد Ahmed Case said...

الله يرحمه برحمته الواسعة .

بجد ولله يا مريم انا لو مكان جدك هتعب أوي عارفه معرفة سنين طويلة لما تروح في ثانية .

الله يرحمه ويرحم اموات المسلمين

خيرالدين said...

رحمة الله عليه

بس انا اكتر حاجه مأثره فيا احساس ان جدك مش عارف الخبر